حتّى تصير كلّ ذرّة رملٍ إلهًا | شعر

 

 

ثلاث قصائد للشاعر والناقد الهنديّ ك. ساتشيداناندان، الّذي يكتب باللغتين الإنجليزيّة والماليالميّة، ويُعَدّ من روّاد القصيدة الحديثة في لغته الأمّ، الماليالميّة. حاصل على جوائز عالميّة عدّة، وهو إلى جانب كونه ناقدًا ومترجمًا ومحرّرًا، فهو مناصر للقضايا السياسيّة العادلة في بلده وفي العالم، ولقضايا البيئة وحقوق الإنسان.

 

 

صبّار

الأشواك لغتي

أعلن وجودي

عبر لمسةٍ نازفة.

 

ذات مرّةٍ كانت هذه الأشواك ورودًا

 

أشمئزّ من العشّاق الخائنين

الشعراء هجروا الصحراء

ليعودوا إلى الحدائق.

وحدها الجِمال ظلّت هنا

كذلك التجّار الّذين يدوسون ورودي

ويجعلونها غبارًا

 

شوكةٌ واحدةٌ مقابل قطرة ماءٍ نادرة

لا أغوي الفراشات

ما من طائرٍ يغنّي مديحي

لا أنصاع للجفاف

 

 ما وراء ضوء القمر

وفي هذا الجانب من الأحلام

أخلق جمالًا آخرَ

حادًّا وثاقبًا وموازيًا

هو اللغة.

 

 

اعتناق

طوبى لأولئك الّذين

لديهم ديانةٌ يتحوّلون إليها

أولئك سيرثون الجنّة

 

ليس للورود ديانةٌ

ليس للنهر ولا للشِّعر

ليس للنمر، كذلك للفراشة

 

الأجساد كلّها متشابهةٌ

بنفس الطريقة نأكل ونمارس الحبّ

وننجب أطفالًا إلى هذا العالم

نحلم بالطريقة نفسها

نموت بالطريقة ذاتها

وبها نُجاوِز الجسد

 

تخلّيتُ عن المعبد والجامع

والكنيسة والفيهارا

منذ زمنٍ

لمعرفتي بأنّ الضوء لا يُحْجَز بين الجدران

 

دعوني أجلس فوق هذه الأرض

الّتي خرّبها الجميع

وأتناول حصّتي من السمّ

دعوني أولد مرّةً أخرى

وأخرى

أتصبّر

حتّى تصير كلّ ذرّة رملٍ إلهًا.

 

 

أطفال

كم طفلًا أنجبنا؟

وُلِدَ اثنان، واحدٌ ضاع ولم يولد،

وآلافٌ لن يولدوا أبدًا.

وحدهم الّذين وُلِدوا يبتعدون عنّا

والّذين لم يولَدوا لا يزالون هنا

حولنا

يصفّقون، يضحكون، يصفّرون

يلعبون بالتربة وأوراق الشجر

 

سيظلّون هنا

حتّى بعد أن نرحل

يزمّرون في أبواقٍ

من أوراق شجرٍ من زمنٍ غابر

يبحرون في المزاريب بقواربَ من ورقٍ

تصلح فقط لإبحار النمل

والأرواح

وطفولتنا المخضلّة بالمطر.

 


 

أسماء عزايزة

 

 

شاعرة وصحافيّة. لها ثلاث مجموعات شعريّة؛ "ليوا" (2010)، و"كما ولدتني اللدّيّة" (2015)، و"لا تصدّقوني إن حدّثتكم عن الحرب" (2019). تشارك في أنطولوجيّات ومهرجانات شعريّة في العالم. تُرجمت قصائدها إلى لغات عدّة. عملت لسنوات في الصحافة المكتوبة وفي التلفزة. تدير حاليًّا "فناء الشعر". تكتب في عدد من المنابر العربيّة.